الخميس، 7 أغسطس 2008

سعد الدين ابراهيم ضحية المسافات بين أمريكا و مصر


سعد الدين إبراهيم ضحية المسافات بين أمريكا ومصر
الثلاثاء 05 اغسطس 2008م الساعة9:25:11 صباحاً بتوقيت جرنتش

جريدة السياسى تصدر فى فرنسا – الافتتاحية

وليد خليفة ـ باريس
زخات الدعاوي التي تتهاطل على المفكر المصري سعد الدين إبراهيم تشكل سابقة أولى في تاريخ علاقة المثقف بالسلطة في العالم ، فلم يسبق أن شهدت أروقة المحاكم في ظل أي سلطة في العالم كل هذا الكم من الدعاوي والضجيج حول كاتب أو معارض يتخذ الفكر والكتابة والدعاوي السلمية في مواجهة نظام بلده ، حتى في ظل أعتى الديكتاتوريات أو نقيضتها الديمقراطية لم يسبق أن استقبلت أروقة المحاكم دعاوي من مواطنين غيورين على أمن البلد والسلطة وسلامتهما مثلما استقبلت المحاكم المصرية منذ العام 2000 الدعاوي من مواطنين مصريين ضد هذا المفكر والمركز الذي يشرف عليه " مركز ابن خلدون " وتحت حجج مختلفة تبدأ من الإساءة إلى سمعة البلد وتنتهي بالتخوين وتحريض الأجنبي والدعوة إلى العصيان و الفساد والطائفية و.. كأن المصريين لا شغل لهم إلا ما يقوله سعد! ، وكأن السلطة في مصر في صراع مع الأمريكان ولا يشغلها عن حربها سوى سعد ومركزه ، منذ متى كان المواطن المصري مشغولا بالمثقف ؟ هل حرك محاولة اغتيال أديب نوبل المرحوم نجيب محفوظ الشارع المصري وأروقة محاكمه في مواجهة فقهاء الظلام الذين تسببوا في ذلك ؟ وهل تحرك أحدهم ضد اغتيال المفكر فرج فودة ؟ منذ متى كانت للكلمة كل هذا التأثير على الشارع المصري والعربي ؟ أم أن خلف الكواليس ما هو أكثر من واضح ؟
ليست هي المرة الأولى التي يحاكم فيها سعد الدين إبراهيم فقد سبق له أن قضى أكثر من عامين في السجن وبالتهم نفسها وتمت تبرئته بضغوط أمريكية ودولية وأما عن رحلة إبراهيم السياسية فقد بدأها المفكر في أروقة التنظيرات لصالح السلطة من خلاله ارتكازاته النظرية المعروفة على لازمته" تجسير الهوة بين المثقف والسلطة " التي نادى بها في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي كرد على المد اليساري المنتشر في الأوساط الثقافية في العالم العربي ، لم يلبث أن انقلب على مرتكزه النظري بعد أن فقدت هي واليسارية مفاعيلهما فالتزم سعد بالليبرالية الجديدة وتجلياتها الأمريكية بعد سقوط جدار برلين وأسس مركز ابن خلدون في أواسط الثمانينات وحاول نشر أفكاره المتطابقة مع السياسة الأمريكية من خلال نشاطات المركز من محاضرات أسبوعية ومنشورات ولجان بحث وتقصي وإحصاء ولجان لمراقبة الصناديق الانتخابية فحدث الصدام بينه وبين الحزب الحاكم وبدرجات توتر اختلفت حسب المسافة الفاصلة بين مصالح ورؤى السلطة المصرية والمصالح والرؤى الأمريكية .
سعد المتنقل حاليا بين أسبانيا وقطر والولايات المتحدة يدرك تماما مساحة الملعب الذي يجري فيه المتبارزين المكلفين برفع الدعاوي ضده ويدرك بحكم التجربة والمعرفة النظرية أن الحلول لن تكون في حقائب المحامين ، الخصوم منهم والمدافعين ، ولا يملك قاضي الاستئناف ولا حتى قضاة محكمة النقض التي قال عنها سعد " أنها المحكمة الوحيدة المستقلة في مصر " الحلول وأستزاد سعد:"سأظل في الخارج إلى تنتهي درجة التقاضي وإن صدر حكم نهائي وبات من محكمة النقض بحبسي فسأعود إلى مصر ، أنا لست هاربا " ولكن المسألة ليست هنا أو هكذا ، يعرفها سعد كما الجميع فالمسافة الفاصلة بين وصول المعونة الأمريكية إلى الحكومة المصرية كاملة بلا نقصان هي التي تحدد عودة سعد وبراءته وما انتظاره وكلمات السفيرة الأمريكية في القاهرة "سكوبي" وتصريحات المدافعين والمناوئين إلا للاستهلاك الإعلامي والقضية تختصر في الابتزاز وأما حرية الرأي والتفكير والديمقراطية فهي آخر القضايا في دنيا العرب منذ الانقلاب الكارثي في العام 1952 .

ليست هناك تعليقات: