الثلاثاء، 5 أغسطس 2008

ثمن النفاق وثمن الحرية

ثمن النفاق وثمن الرأي الحر في مصر
بقلم: صبحى فؤادلم يكن مفاجأة لأحد الحكم الذي أصدرته غيابياً بالسجن إحدى المحاكم المصرية منذ يومين ضد الدكتور سعد الدين إبراهيم بذريعة تشويه سمعة مصر والإضرار بمصالحها القومية.وقد حاول النظام المصري من قبل إخراس صوت د. سعد الدين إبراهيم عن طريق تلفيق التهم الخطيرة إياها المُعدّة مسبقاً وجاهزة لكل مواطن مصري معارض ولكن نتيجة الضغوط التي مارستها الولايات المتحدة ودول أخرى على المسئولين المصريين لم يتمكن النظام في المرة السابقة من إبقاءه في السجن لفترة طويلة واضطر مرغماً على إطلاق سراحه. وفيما يبدو أن المسئولين في مصر كان لديهم بعض الأمل أن يوقف سعد الدين إبراهيم معارضته للنظام بعد خروجه من السجن، ولكن الرجل لم يتغير أو يتخلى عن معارضته للرئيس مبارك بعد تجربته القاسية في السجن بل ازداد إصراراً وقناعة بما يفعل من أجل وطنه مصر وأهلها.وقد أراد النظام هذه المرة عن طريق إصدار الحكم غيابياً عليه بالسجن عاميين مع دفع غرامة باهظة أن يجبر د. سعد الدين إبراهيم على البقاء في الخارج منفياً حتى لا يتعرض لدخول السجن والبهدلة.والحقيقة أن الدكتور سعد الدين إبراهيم كان أكثر حظاً من غيره من المعارضين المصريين الذين لم يتمكنوا من الهروب بجلدهم للخارج، ومنهم على سبيل الذكر الدكتور أيمن نور الذي كانت جريمته العظمى وخطيئته الكبرى التي فاقت خطيئة أدم وجعلته يُطرَد من الجنة هي أنه تجرأ وأعلن منافسته في انتخابات الرئاسة الماضية ضد الرئيس مبارك.. وقد كان الثمن الذي دفعه مقابل تفاؤله وتصوره أن مصر بحق دولة ديمقراطية وطيبة قلبه أنه ألقيَّ في السجن لتأديبه وجعله مثال وعظة لكل مصري يجرؤ على تحدي الرئيس والنظام...وغير دكتور أيمن نور يوجد مئات وربما ألوف آخرين من المعارضين في السجون المصرية من كُتّاب وصحفيين ومفكرين ورجال فكر وسياسة وأصحاب الآراء الحرة يدفعون من سنوات عمرهم ثمن وقوفهم ضد نظام الرئيس مبارك الغير ديمقراطي أو ضد التيار الديني المتطرف في مصر، وأذكر منهم على سبيل د. نوال السعداوي التي يطاردونها المتطرفين يومياً بكل ألوان وأنواع القضايا والشاب الإسكندراني الكاتب عبد الكريم نبيل سليمان الذي حُكِمَ عليه بالسجن أربعة أعوام كاملة بتهمة ازدراء الدين الإسلامي في مطلع عام 2007.لا شك أن ثمن الرأي الحر الصادق الأمين في وطننا الأم مصر يكون في أغلب الأحيان باهظاً مكلفاً غالياً جداً تماماً مثل الثمن الذي يدفعه حالياً كل من د. أيمن نور ود. سعد الدين إبراهيم والكاتب كريم سليمان ومئات غيرهم.وقد كان في مقدور أيمن نور أو سعد الدين إبراهيم أن يصبحوا نجوماً ساطعة في سماء مصر يتمتعون بالحماية والحصانة والمزايا والبركات التي لا تحصى ولا تعد، ورضا النظام لو أنهما سارا مع التيار المنافق الانتهازي في مصر وقاموا بتمجيد الزعيم أو ابنه والإشادة بانجازاته الخارقة التي حققها خلال سنوات حكمه لمصر وشعبها \!!! أنني أحزن وأبكي على أمنا مصر وأتحسر على حالها الذي وصلت إليه عندما أرى المنافقين (وما أكثرهم في صحافة وإعلام مصر) يصعدون إلى أعلى المراكز والقمم بسرعة عجيبة لا علاقة لها بالقدرات والإمكانيات العلمية أو العقلية أو الثقافية بينما نجد المصري الشجاع الجريء الأمين في فكره ورأيه وحبه لبلده ينتهي به المطاف إلى السجون والتشريد والضياع أو النفي إلى الخارج طواعية.. ولكني على أية حال أثق ثقة عمياء أن هذا الوضع الشاذ في مصر لن يستمر كثيراً، كما إنني على ثقة أكثر أن مصر قادرة على تصحيح مسيراتها بطريقة متحضرة سلمية كما عودّتنا عبر تاريخها الطويل.صبحي فؤاد sobh@iprimus.com.au



ليست هناك تعليقات: