الثلاثاء، 5 أغسطس 2008

مين اللى بيسيئ لسمعة مصر


حقوقيون وسياسيون: الحكم «إساءة لسمعة مصر».. والدولة «تستخدم القضاء» لتصفية حساباتها مع المعارضة كتب فاروق الجمل ٤/٨/٢٠٠٨
أدان عدد من الشخصيات السياسية والعاملين في مجال حقوق الإنسان الحكم الصادر بحبس الدكتور سعد الدين إبراهيم سنتين وتغريمه كفالة ١٠ آلاف جنيه لإيقاف التنفيذ، وربط معظمهم بين هذا الحكم، الذي أدان سعد الدين، علي تصريحات أدلي بها، وبين حكم البراءة الصادر لصالح ممدوح إسماعيل مالك عبارة السلام ٩٨ والتي راح ضحيتها ما يزيد علي ١٠٠٠ مواطن.
وأكد ناصر أمين، مدير المركز العربي لاستقلال القضاء والمحاماة، أن الحكم مثل «صدمة» لكل المعنيين بالعمل العام، سواء في مصر أو خارجها، مشيراً إلي أن حبس سعد الدين إبراهيم من شأنه «الإساءة إلي سمعة مصر، وسمعة القضاء والنظام الحاكم».
وقال أمين إن النظام الحاكم أصبح يستخدم كل قوته وكل رجاله من محامين وقضاء ومحاكم لتصفية حساباته مع المعارضين، مؤكداً أن الحكومة، وإن لم تظهر في هذه القضية، فإن وجودها واضح، وهو أمر وصفه بـ«السيئ للغاية».
وأضاف: «هذا الحكم باطل علي المستوي القانوني وما كان علي المحاكم أن تقبل الدعوي لأنها مخالفة لنص المادة ٣ من قانون المرافعات، والذي عدلته الدولة منذ سنوات، مما يعني أن النظام بدأ يعود إلي قانون الحسبة الذي كانت تستخدمه الجماعات الإسلامية في الفترة من عام ١٩٩٠ وحتي عام ١٩٩٥ ضد النظام، وعدلته الحكومة حتي تقضي علي هذه الظاهرة.
وأكد أمين أن تعديل المادة ٣ يقضي بأن «لا تقبل أي دعوي من أي شخص ليست له مصلحة شخصية ومباشرة في الدعوي» لافتاً إلي أن هذا التعديل لم يحدث في هذه القضية وغيرها من القضايا الأخري المشابهة، والتي رفعت فيها دعاوي من محامين نيابة عن المجتمع، وهو ما يتعارض مع التعديل الذي أدخل علي المادة.
وقال «رفع مثل هذه الدعوي نيابة عن المجتمع يجب أن يكون بواسطة النظام وعن طريق النائب العام شخصياً، حتي تكون الدعوي غير مخالفة للقانون».
وقال حافظ أبوسعدة، الأمين العام للمنظمة المصرية لحقوق الإنسان إن الحكم «كان متوقعاً، وأصبح مفهوماً للجميع في مصر أن المعارضين للنظام يواجهون أحكاماً بالحبس، ولذلك فإن الحكم بحبس سعد الدين لا يختلف كثيراً عن الأحكام والتهم الصادرة والموجهة للصحفيين في مصر، فهي ترفع بنفس الطريقة بواسطة محامين تخصصوا في مثل هذه القضايا لتكميم كل الأصوات المعارضة».
وتساءل أبوسعدة: هل يمكن لنا أن نثق في القضاء المصري بعد أن أصدر حكماً ببراءة شخص تسبب في موت آلاف المصريين، وأدان شخصاً آخر لمجرد أنه قال رأيه بحرية؟!
وأكد أبوسعدة أن مثل هذه الأحكام هي التي «تسيء إلي سمعة مصر، وسمعة القضاء المصري»، لأن الهدف منها «مفهوم للجميع»،
ويبدو أن القضاء أصبح يستخدم الآن من جانب الدولة لتصفية الحسابات مع قوي المعارضة، سواء كانت هذه القوي تتمثل في الحركات السياسية أو في الصحفيين والإعلاميين، ولذلك فإن ما يحدث الآن يمثل خطورة علي مستقبل حرية التعبير في مصر، خاصة أن النيابة العامة تملك الحق في توجيه التهم والتحقيق فيها في الوقت نفسه.
وأضاف أبوسعدة أن القانون يقضي ببطلان مثل هذه الدعاوي لأن المدعين فيها لا يملكون الحق ولم يصبهم ضرر مباشر منها.
وشكك أبوسعدة في إمكانية حصول سعد الدين إبراهيم علي البراءة في استئنافه للحكم.
وقال: سعد الدين سيحصل علي البراءة في حالة واحدة فقط هي أن تنظر القضية أمام محكمة مستقلة ونزيهة تحترم حرية الرأي.
وأكد بهي الدين حسن، مدير مركز القاهرة لحقوق الإنسان، أن الحكم يشكل «تهديداً خطيراً» علي حرية الصحافة والإعلام في مصر، خاصاً نه يعتبر ضمن سلسلة قضايا رفعت ضد صحفيين وكتاب عبروا عن رأيهم بصراحة، وجاءت هذه الآراء معارضة للنظام الحاكم.
وأشار إلي أن ما قاله سعد الدين في تصريحاته «ليس بجديد»، خاصة أن الصحف المستقلة والفضائيات المستقلة والعربية تتحدث في الموضوع نفسه منذ أمد بعيد، وهو أيضاً ما كان السبب في رفع قضايا ضدهم بنفس الطريقة وصدور أحكام مشابهة لا تدل إلا علي أن حرية التعبير في مصر «أصبحت شيئاً مستحيلاً».
وقال بهي الدين «إن هذا الحكم لا يشكل تهديداً خطيراً علي الصحافة والإعلام فقط، إنما علي المجتمع المصري ككل، لأن هذا الحكم لا يختص بسعد الدين إبراهيم فقط، ولكن كل من يعبر عن اعتراضه علي سياسة النظام الحاكم، مبدياً تعجبه من صدور حكم ببراءة ممدوح إسماعيل صاحب عبارة السلام ٩٨، وإدانة سعد الدين إبراهيم، وهو ما وصف بـ«التناقض» في القضاء المصري.
وأضاف «أن طبيعة التهمة لم تكن تستوجب من الأساس أن تقدم للنظر أمام القضاء، لأنها قضية رأي، وكان لابد من طرحها علي الساحة السياسية لمناقشتها والرد علي ما يعتقد أنه غير صحيح بها.
وتوقع بهي الدين حصول سعد الدين إبراهيم علي «البراءة» في حال استئنافه القضية، خاصة أن هذا حدث ـ علي حد قوله ـ في القضايا السابقة التي رفعت ضد سعد الدين إبراهيم.
واختتم بهي قوله بالتأكيد علي أن تقديم الرموز الفكرية والمعارضة إلي القضاء، وصدور أحكام بإدانتهم هو ما «يسيء إلي سمعة مصر»، وليس ما كتبه سعد الدين إبراهيم.
وأكد أيمن عقيل، مدير مركز ماعت لحقوق الإنسان، أن الحكم «غير صحيح» بشهادة وزارة الخارجية، التي نفت ـ حسب قوله ـ أن يكون ما كتبه سعد الدين إبراهيم يمثل إساءة لسمعة مصر.
وقال عقيل «إن السبب الحقيقي للحكم علي سعد الدين إبراهيم بالحبس هو أنه قرر أن يكون ناشطاً حقوقياً واجتماعياً يدافع عن مصالح المواطن البسيط، بالإضافة إلي كونه صاحب أفكار متطورة، مؤكداً أن هذه هي «ضريبة كل من يضع علي عاتقه مسؤولية مواجهة النظام بأخطائه وسلبياته».
وأشار إلي أن مثل هذا الحكم يمثل «تهديداً خطيراً» علي مستقبل الحريات في مصر، خاصة أنه «يتناقض» مع وعود الرئيس مبارك بمنح المجتمع المزيد من الحريات والديمقراطية في التعبير عن الرأي.
وأبدي عقيل استياءه من قيام القضاء المصري بإصدار حكم بالبراءة لصالح شخص تسبب في وفاة ١٠٣٤ مصرياً وإصابة آخرين، مقابل إدانة شخص كل ما فعله أنه عبر عن رأيه بحرية أمام العالم أجمع.
وأكد أن صدور حكم بإدانة سعد الدين إبراهيم يمثل خطراً علي المجتمع المصري ككل، لأنه يؤكد أن مصير كل معارض هو «السجن والحبس».
وقال: «هذا الحكم عيب في حق الوطن وعيب أكثر أن يطلب مواطن مصري ضمانات بعدم حبسه حتي يعود إلي بلده مثلما طلب سعد الدين إبراهيم.
وأبدي أحمد سيف الإسلام، رئيس مركز هشام مبارك لحقوق الإنسان، اعتراضه علي الحكم الصادر ضد سعد الدين، وأي صحفي أو كاتب يعبر عن رأيه بحرية.
وأكد أن مثل هذا الحكم يؤكد «تناقض القضاء المصري» الذي يحكم ببراءة أشخاص تسببوا في قتل مواطنين أبرياء، ويسجن من يدافع عن حقوقهم.
وقال سيف الإسلام: «حتي لو كانت آراء سعد الدين إبراهيم بغيضة كان لابد من مناقشتها والرد عليها بصورة عملية، بدلاً من الحكم بسجنه ومحاكمته أمام القضاء».
وأشار إلي خطورة أن تجمع النيابة العامة بين الحق في الاتهام والتحقيق في الوقت نفسه، متوقعاً حصول سعد الدين إبراهيم علي البراءة في حالة استئناف الحكم.
ورفض وحيد عبدالمجيد «نائب مدير مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية»، التعليق علي الحكم، قائلاً «كنت أفضل ألا يحال سعد الدين إبراهيم إلي المحاكمة، وأن نرد عليه ونناقشه، لأن قضيته سياسية وليست جنائية».
وأدان عبدالمجيد سلوك بعض المحامين الذين احترفوا تحويل مصر ـ علي حد قوله ـ إلي قاعات المحاكم.
وأضاف: «مثل هؤلاء يدمرون مستقبل الحريات في مصر لتحقيق مكاسب شخصية»، مؤكداً أن مثل هذه التصرفات تضر بمستقبل القضاء والحريات، وتجعلنا نشعر بأن مصر كلها ستقف أمام المحاكم في المستقبل.

ليست هناك تعليقات: